السبت، 27 سبتمبر 2014

أمل رغم الألم ...(قصة قصيرة) ...الجزء السابع



     25آب (اغسطس) 2011


 تذكرت كل شئ، ونظرت من بعيد، وجدت مروان هو يتهرب منها وهي تطلب منه المجيء، ولكنه كان يهرب منها ومن نظراتها بالأخص، ذهبت هي له، انفجر باكياً ليقول بصوت تخنقه العبرات (تحسابيه رخيص والله رضوان كان مش غير صاحبي خوي ، ومن أول يوم عرفت إنه استشهد ماتقوليليش مش شهيد طول عمره يحلفلنا أنا والله بنخش الجنة وانتم شوفوا روحكم، بعد ماتوفى لقيته انه هو اللي كأنه كان يوتي في روحه، والله وصاني عليك، يقولي هذه عيوني زي ما إنت خوي، بالله ترد بالك عليها وماتخليهاش تبكي ، تحسابيه ساهل عليا إني نقولك بنتزوجك، والله مالقيت حل أنا وبوك إلا هكي،بالرغم من إن بوك ماقدرتش نقوله رضوان توفى لأنه كان يحبه هلبا، إنت صح كنتي خطيبة خوي لكن والله من حبه ليك حبيتك وبديت نشوف فيك الشخص المثالي وكان تتذكري زمان شن كان يقولك صاحبي هذا على ما درهتله كبده بيك ويقولي امتى بتتزوج كنت نرد عليه خليلي اميمة والا دورلي زيها طول نتزوجها والله كلام انقال بحسن نية ما نحسابه بيدور الزمان وبيصير) اوقفته بكلماتها (خلاص اسكت معش نبي نسمع شئ الله يرحمك يا رضوان وإنت كفيت ووفيت وربي الشاهد كان رضوان معاي دارلي اللي إنت درته لكن انت درت اكثر مش عارفه شن نقولك لكن والله موضوع الزواج خليها عالزمن توه مانقدرش حتى نفكر فيه) وذهبت وتركته.
لم تقوى على البكاء، حاولت مراراً، من نظرات الشفقة التي تحيط بها، لم تكن تجد دموعا ، كانت تجد اختناقاً فقط ، تطلب على اثره من الله الفرج.


11 أيلول (سبتمبر)2011

رن هاتف أميمة برقم غريب ، بعد أن اعتزلت الكل كما كانت، سألت نفسها أُجيب أم لا؟ فأجابت.
إذا بصوت شاب يقول لها (مهندسة أميمة) ردت (نعم) قال (أنا المهندس محمد عاطي) فتذكرته صديق رضوان رحمه الله الذي لا يطيقها ماذا يريد ؟، صمتت وهو أيضا صمت، فأيقنت أنه يريد اخبارها بأن رضوان توفاه الله، ردت (نندري بيه رضوان توفى) فانفجر محمد بالبكاء ،وكأنما هذا هو ما كانت تنتظره، كانت تنتظر أحداً من أهله ليؤكد لها خبر الوفاة، انفجرت باكية كالأطفال، لأول مرة منذ أن رأته في المنام في تاريخ وفاته ، بكيا معاً ، حتى إن كان لا يطيقها قبلاً ، وجد بينهما رضوان رفيق دربه الرابط بينهما، فاردف قائلاً (تتذكري لما كان يقوللنا بنخش الجنة وانتم شوفوا روحكم) بكت ثانية وهو يقول (ماتبكيش هو صح فقدناه لكن طول عمرنا بيقعد معانا بالله عليك سامحيه والله كان يحبك وانا اللي كنت نزن عليه يسيبك لكن هو اثبتلك بالله عليك سامحيه) لم ترد اميمة سوى بكاءاً، تمالكت نفسها فقالت له اسرد لي كيف توفى، أو كيف استشهد كما أوصاني أن أقول، رد (في هذاك اليوم كان جنبي لما كلمك ، كيف خاش جيش القذافي ، احنا واجهنا بلا سلاح، يا دوب تسعه مللي للي عنده حد في الشرطة والا الجيش، قدمنا هما وصلوا الجزيرة قلنا بنتفاهموا، بدي علينا الصلي العشوائي، طبعا هو ووليد وسالم قدموا قدامنا أنا وأيمن، وروحهم طلعت طول حتى نشوفوا فيهم ماتوا طول، ماقدرناش نسعفوهم ، والرصاص يصلي، هربنا، وبعدين اللي بعدنا جوهم رفعوهم للعيادة المجمعة، طبعا معش عرفنا نوصلولهم لأن الشارع اللي الكتائب فيه هو اللي فيه العيادة، بعد أربعة ايام في الليل قالوا جبنا اللي في الثلاجة جينا بندفنوهم قالوا واحد منهم رضوان، مشينا للجنازة مع بعض لما خوه فتح التابوت قال مش هو، قال بالك خوي حي، وانا نبكي نقوله والله رضوان مات) ارتفع صوت نحيب أميمة فاكمل (عرفوه اللي في التابوت ولد مني ودفنناه ، وبعدين وبعد اربعة ايام في الليل وتحديداً يوم الخميس وصلنا للعيادة المجمعة، لقينا الجثت في الثلاجات وهارب عليها الضي، شبه متحللة، قدم دكتور معانا قالي يا محمد هاذم مكتوب ورقة عليها اساميهم وبدي يسمي فس الاسماء، قال اهوا مكتوب عليه رضوان هذا صاحبك ، ماقدرتش نقدم ، قلتله بالله اعفيني ، سألني شن كان لابس قلتله تيشرت حني ، لأنه الدم معبي ومحلل مش باينله لون، قالي تربح تعالى ، رد الصورة اللي شفته فيها مانبيش نشوهها، قاله ماتندريش على أي علامة مميزة فيه ، تذكرت الحادث اللي على خاطرك يا أميمة) وزاد بكاء أميمة وأكمل (قلتله جهة اليمين من الكتف للمرفق بلاتين شافها الدكتور وقاله صح هذا صاحبك، والله بكيت عليه وكأن مش قدامي مات، روحنا بيه لأماليه اللي أمه مدايرة عزاء من هذاك اليوم من حرقة قلبها، دفنناه يوم الجمعة ، اول جمعة ينقلوا فيها الصلاة في الجزيرة يوم 25 مارس وبدت علينا الرماية ودفنناهم، وروحت جتني أمه تقولي هان عليك صاحبك حطيته في التراب وانتحب صوته) تذكرت أميمة حرقة قلبها ذلك اليوم، لم تكن تدري أن الحادث سيكون السبب في التعرف عليه، ولم تكن تدري أن التي كانت تشاهدهم وقلبها ينزف من بينهم رضوان وهو يزف إلى قبره، صمت محمد قليلاً فقال لها (أنا كنت نبي نكلمك مانبيش تشوفيه في صورة أو اي شئ تنصدمي، وحتى عمي خليل بو رضوان قالي كلمها البنت أكيد تستنى فيه اللي كان يبي يتزوجها في شهر سته ربي خذي أمانته قبل ما توصل فينا قوللها تسامحنا ، وتزورنا لأن ماعنداش الجرأة انه يكلمك) صمتت أميمة وردت بصوت يخنقه العبرات (سلملي عليهم وعزيهم نيابة عني وقوللهم سامحوني مش حنقدر نجي وانت يا محمد سامحني، ولما تزور رضوان في قبره أو يجيك في المنام ماتنساش تسلملي عليه).
اقفلا الخط وبكت أميمة على رضوان وكأنها لأول مرة تدري أنه توفاه الأجل، كانت ليلة عصيبة، اتصل بها مروان ، لم ترد ، ولم تعطه الفرصة أبداً ليبرر لها لما اخفى وفاة رضوان طيلة هذه الأشهر.




10تشرين الأول (أكتوبر)2011

كانت جموع الثوار ذاهبة الى سرت، في انتظار القبض على من عاث في البلاد فساداً، وقتل العديد، كانت أميمة كبقية الشعب تنتظر النهاية، منذ رجوعها للبيت لم تخرج منه قط، تنتظر حتى تكتمل الفرحة بقتل القذافي، كان والدها يقول لها مراراً (مروان يسلم عليك ويقولك العرض قاعد أمتى ما تفكري) وكانت هي لا تعطي الموضوع أي أهمية، فجلست بينها وبين نفسها، وجدت أن مروان لم يخطيء في حقها، بل كان لها نعم الاخ والصديق في محنتها، فقالت سأتصل به، اتصلت لم يجيب، اعادت الإتصال، فُتح الخط اجابت (السلام عليكم) رد صوت اخر انثوي ليس بصوت مروان (وعليكم السلام) ردت أميمة (هذا هاتف الدكتور مروان) ردت (نعم أنتِ أميمة) قالت (نعم) قالت (أنا إيمان شقيقته اليوم اصيب مروان برصاصة في صدره بجانب القلب كان في المستشفى الميداني في سرت يُسعف الجرحى ونُقل إلى مستشفى بألمانيا مباشرة بالاسعاف الطائر، قبل أن يصاب وأن يذهب لسرت كان على يقين أنك ستتصلين فقال لي طمئنيها) ذهلت أميمة شعرت وكأنه عام الحزن، كم ستفقد من صديق ورفيق في هذه الثورة، قالت لها (ارجوك إن حدث شئ طمئنيني ولو برسالة)، اخبرت والدها ، فقال لها لنذهب إليهم، لم ترضى، كان كل يوم يمر عليها أصعب، كانت وكأنها تنتظر أن يُزف لها خبر وفاته أيضا ، تبعث برسائل لإيمان فترد بنفس الرسالة (حالته كالسابق ، يحتاج منا الدعاء فقط فلتكثري من دعائك).
مرت الأيام وجاء يوم 20 أكتوبر حيث قُبض على القذافي ، لم يكن لها أي ردة فعل من الصدمة، كانت لا تدري ماذا ستقول ، تكتفي بحسبي الله ونعم الوكيل فيك يا ظالم، تذكرت رضوان، ومروان كيف كانا سيفرحان ، كانا ينتظران هذا اليوم .
تذكرت كيف توفي رضوان وهو قبل لحظات من وفاتها يتصل بها ليودعها وكأنه يعد نفسه ليلحق بركب الشهداء، كانت تنظر للكل والكل يبكي لكنها لم تستطع البكاء من هول الصدمة.



21 تشرين الأول (اكتوبر) 2011

صباح جديد بدون الظالم، الكل فرح، وهي نظرت لهاتفها ، لتجد رسالة من شقيقة مروان إيمان (مروان توفاه الله بعد أن حقق له ما يبتغي ، رحمه الله كان يحبك بعد أن عزف سنيناً عن الزواج، اتمنى أن اراك ، فهاتفه أوصى به لأجلك)
صُدمت أميمة تذكرت كلام مروان عند كل نكبة، أو خبر ليس في صالح الثوار، عندما يقول (ياربي يوم واحد بس نتنفس فيه في هالدنيا بعد القذافي ، وبعدين خوذ امانتك عادي) نزلت دمعتاها ، كيف أنه تنفس في هذه الدنيا ولم يكن هنا ولكنه لم يكن يعي أصلا بأن القذافي قد مات، كتبت لإيمان  (رحمه الله كان نعم الشخص، لا اريد منه شيئاً فأنا سأتذكره بدون أي شئ، فما فعله معي لا يفعله إلا أخ لأخته اسأل الله أن يمدكم الصبر).
ذهبت لوالدها اخبرته بوفاة مروان، بكى الجميع ، وكان الكل ينظر إليها ، أي قلب ذاك التي تحملين، وأي قسوة تلك التي لا تجعلك تنهارين أمام الكل.
في نفس اليوم ليلاً ، فتحت الانترنت ، تقرأ وتنظر ماذا حدث ببلادها، ترى صور الدمار، وكل من رَوت دمائهم تراب بلادها.
فتحت حسابها على الفيس بوك، وجدت كل الصفحات تتحدث، وجدت الكثير من الذين تعرفهم، قامت بإضافتهم، وكان بينهم (أحمد) قريبها الذي كان يدرس معها في كلية الهندسة، الذي كان يسلم يوماً عليها، وكان يمر من أمامها آخر دون أن يعيرها أي اهتمام، كان يدرس في كندا ، تذكرت كيف كانت احلامها بالسفر والدراسة قبل وفاة اشرف، تحسرت قليلاً، لكنها سرعان ما قامت بإضافته ......










يتبع 





الخميس، 18 سبتمبر 2014

أمل رغم الألم ...(قصة قصيرة ) ....الجزء السادس

17شباط (فبراير) 2011

ردت (معقولة ما تجينيش وماتكلمنيش أما حب هذا شني يا فالح والا ضمنتني خلاص معاك معش بتدورني ) رد بكل حزن وهدوء قائلا (انا في مصراته اليوم سراج استشهد طلعنا ثورة عالقذافي يا أميمة وقلت لأمك ما تقولكش الناس تموت وربك يستر ردي بالك على روحك وتو الدكتور مروان كل مرة يجيك ويرد باله منك لين تروحي وان شاء الله تتم القصة على خير وسامحيني لأني قصرت وماجيتكش).
أميمة اقفلت تنظر لوالدتها (طلعنا ثورة عالقذافي داروها الرجالة حي عليهم بيقتلهم كلهم وانا نقول لما فقت من البنج نحساب المراة اللي جنبي تهتري من البنج تقول صكروا الرواشن عن يجونا قلت شكلها تتخيل لكن والله صحة ليهم داروها) تنظر إليها والدتها لتقول (اسكتي توه مش وقتك عن يطبونا).
بعد حين أتى الطبيب مروان يقول (اليوم حالك ماشاء الله يا أميمة ماعنده علاش خايف رضوان تو السبت نديرولك خروج).
مر يوم الجمعة من اطول الأيام، لم تكن تدري كيف سيمر اليوم، تريد أن ترجع البيت لترى الأخبار، لترى والدها، لتقول له لقد حدث مثلما تمنيت، جاء مروان ثانية، وقال لها غذا ستخرجين وهذا رقمي إذا حدث أي طاريء، اتصل بها رضوان ليطمئن على صحتها وصوته حزين لأجل سراج.
انتظرت الصباح لملمت أشيائها لترجع لبيتها،جاء خالها رجع بها للبيت، كانت ترى الطريق فارغة في ساعة الذروة، تقول (هو الشعب طلع عالقذافي ومازال خايف يطلع للشارع والا ولوا في كلامهم والاشني) رد خالها (اسكتي هذا غير مريضه) ابتسمت ووصلت للبيت.





22 شباط (فبراير) 2011


بعد تحسن صحتها جزئياً، اتصلت بها صديقتها بالعمل تدعى جميلة تونسية الجنسية، تعمل هي زوجها معها، كانت خائفة مما يحدث في البلاد، عرضت أميمة أن تأتي هي زوجها للبيت لديهم لعلها تهدأ، وفعلا أتت هي وجمال زوجها، في نفس الليلة حادثها رضوان ولم يكن يجد الوقت الكافي لمحادثتها طيلة اليوم لأنهم يحرسون مدينتهم، قال لها اغلقي فالقذافي سيتحدث الان يجب أن أراه، كانت بالكاد تتحرك، بعد أن سمعت الخطاب أُحبطت، كانت تظن بعفويتها أنه سيسلم كل شئ ويذهب، لكن الخطاب أغضبها، نهضت بصعوبة لتذهب لوالدها في غرفة الجلوس، وكان معه أخاها، وجمال،طرقت الباب سلمت قالت لوالدها (يابوي القذافي مازال بيولي) رد بغضب واعصاب مشدودة (بيولي قرد) لم تستطع الرد لأن الكل كان يتوقع أن كل ذا سينتهي سريعا.
اتصلت برضوان تقول (كيف حالك وشن جوك) رد (الحمدلله ماتعدليش على كلامه والله ليبيا ماعاد يحكمها ولايحلم بيها وكان يجيبلنا رولا يساوي بينا الوطا نطلعوا من جديد عليه حتى التراب مايبيشي خلاص تو نطلعوه ونفرحوا احنا ربي بينصرنا) ردت (اعصابك ان شاء الله كل هذا بيصير والحياة بتقعد حلوةغير معش تحرق دمك بس) رد (باهي غير اقعدي معاي بس الحياة بتقعد حلوة وامتى ان شاء الله بتقوليلي نحبك والا حتى هي لين نتزوجوا زي لما قتلك خاطري نشد ايدك) ردت بضحك (انت في شني واحنا في شني تو تتم الحكاية وساهل وامتى مانحس بمشاعر معاك تو نقولك) ضحك رضوان وقال (اللي درتيه فيا بتلقيه الاما تلقي من يشيطلك ريقك ويبخل عليك زي ما إنت باخلة عليا هيا بالسلامة الاولاد من بكري يأشرولي) ردت أميمة (بالسلامه).
مرت الأيام ظناً منهم أن الأزمة ستنتهي بأيام ولكنها إزدادت سوءاً، كل يوم ينتظرون الصباح ، يشاهدون التلفاز، العربية ، الجزيرة، الكل يتحدث عن الوضع الراهن والحرب التي ستأكل أبناء الشعب الواحد.




1آذار (مارس) 2011


كان الصباح ودعت أميمة جميلة وجمال، ليذهبا لتونس بعدما أمن والدها لهم من يوصلهم إلى هناك، وكانت تقول إلى اللقاء ستنتهي الأزمة وسنرجع كما كنا نعمل سابقاً.
جاءت الظهيرة خرج والدها لجنازة احد اقربائه وكان شيخ كبير، كانت المقبرة مكتظة بالناس فخرج وقال (لأمتى بتقعدوا هكي يعفس فيكم القذافي برجليه، لأمتى بتقعدوا ساكتين هيا نوضوا إيد وحدة) فجأة تفرق الجموع، بقي أبناء المتوفى ووالد أميمة فقط، ولم يكن يدري ما عواقب ما فعل.
بعد ذلك بأسبوع أحد أخواتها كانت في الجامعة، ودخلت في مشادة كلامية مع احداهن بسبب الثورة، فرجعت للبيت وقالت لن أذهب ثانية ، وروت لوالدها ما حصل، والدها عقيد في الشرطه، لم يذهب للعمل منذ اندلاع الثورة ، واخوها مهندس حاسب آلي في اللواء 32 المعزز، وايضا لم يذهب للعمل منذ ذلك الحين.
مر اسبوع ، اسبوعان ، الوضع يزداد توثراً، لم يكن هناك أي بودار لحل الأزمة سلمياً ، فالحرب قرعت طبولها في أغلب المناطق، كان رضوان يحادث أميمة بين الحين والاخر، الى أن حلت الأزمة بمدينة مصراته حول بطاقات الدفع المسبق، فطلب رضوان من أميمة تزويده بها.
مرت الأيام تعافت أميمة ، ولكن الشارع اضطرب اكثر، بين مؤيد ومعارض، وبين رجال وجواسيس.
في احد الصباحات اتى والدها لها ليقول أنه رأى حلما فقصه لها قال (لقيت روحي انا لابس بدلتي العسكرية واحد شادني من رقبتي ومنزلني في بركة مياه خضراء وكأنه يضرب فيا ويدخل فيا فيها بالسيف) ردت أميمة (لا يابوي انت شارق في الثورة ان شاء الله خير وهذه اضغات احلام).





15آذار (مارس) 2011


كانت أميمة تحادث رضوان وقال لها أن جيش القذافي سيدخل اليوم لمدينة مصراته وسنتصدى له ولو بصدورنا، خافت أميمة كثيراً على رضوان، أعربت عن قلقها إلى والدها، رد والدها أن الظالم لن ينتصر أبدا.
اتصل رضوان بأميمة على حدود الساعة السادسة ليقول لها بحماس (حبيبتي خلاص القذافي تمتله، وقريب نديروا عرسنا مع عرس بلادنا، وحتى خطوبة مانبوش سادنا اللي شفناه، تو بعدين نكلمك في الليل غير توه عندنا مانديرو).
انتظرته في الليل واتصل ردت كان الحزن يخيم عليه (شكلها مطولة خاشين علينا بترسانة اسلحة ادعيلنا، والله مامسامحينهم شني يديروا في الشعب) ردت أميمة (قداش واحد مات اليوم) رد رضوان (احترمي نفسك وقولي قداش استشهد واحد) رد(خمسة شهداء) ردت (الله يرحمهم ربي ينصرنا) رد (يارب وبالله عليك سامحيني) ردت كما يقول لها عندما تقول له سامحني (أنا مانشيلش منك بش نسامحك) ضحك وقال لها (قولي مسامحاتك) ردت (مسامحاتك) رد (هذا وين ارتحت هيا تو نكلمك بعدين) ردت (استنى ضمنت السماح وانا) رد (مانشيلش منك بش نسامحك ومسامحك دنيا وآخرة هيا سلام توه).
جاء منتصف الليل ، لم يتصل، اتصلت هي الشبكة مشغولة، تذهب للتلفاز تجد عاجل (انقطاع شبكات الاتصالات على مدينة مصراته) ، ذهبت لوالدها لتقول له هذا ، قال لها لا عليك أيام وستنجلي هذه الغيمة السوداء لتمطر أفراحاً علينا.
جاء الصباح اتصلت كثيراً بدون جدوى، رأته في الحلم أنه يودعها، بكت كثيراً، خافت أن القدر سيذيقها مرار الفقد مرة اخرى، بحثت عن رقم الطبيب مروان صديق رضوان، وجدته اتصلت به، رد عليها ، اخبرته أنها أميمة، وتريد أن تطمئن عن رضوان لأنها تدري أنه يمتلك هاتف ثريا، قال لها حادثته قبل قليل وطلب مني محادثتك ، وهو بخير اطمئني ، فرحت وقلبها ممتليء بالحزن لا تدري لما، تقول له اشعر أنه توفي ، وهو يقول لها أقسم لك أنه بأحسن حال.
مرت الأيام وهي تنتظر وميض اتصال منه ، ولكن أكد لها مروان أنه لا يريد توريطها لذلك لم يتصل، تحادث مروان لتسأل عنه وهكذا.





الجمعة 25 آذار (مارس) 2011


تنتظر أميمة كعادتها صلاة الجمعة في مدينة بنغازي في قناة الجزيرة، ولكن لأول مرة تنقل الجزيرة صلاة الجمعة من مدينة مصراته ، فرحت وكأنها ترى في الكل رضوان، كانت تبحث عنه بين الوجوه ، اطمأنت كثيراً لوضع المدينة بالداخل ، ثم نقلوا صلاة الجنازة على خمسة شهداء كانت تتقطع أوصالها حزناً وتدعو الله أن يصبر ذويهم، ثم بدأ الرصاص ينهال على الجموع أثناء الجنازة ، كان موقفاً تقشعر له الأبدان ، لم يتراجعوا استمروا في التكبير ودفنوا موتاهم.
اتصلت بعد صلاة الجمعة بمروان لتسأله عن الأخبار ، وقالت له والدي يريدك، قال له أن يأتي للبيت، جاء للبيت واخبره عن الأوضاع على الارض وما لديه من معلومات .







منتصف نيسان (أبريل ) 2011


كانت من أسوأ ما مر على حياة أميمة وأهلها، خرجوا من بيتهم جميعا، داهمت كتائب القذافي البيت ، اخاها أُعتقل، والدها ذهب بيهم إلى بيت جدهم وخرج ولم يعلموا شيئا عنه، بقت أميمة مع والدتها واخواتها من بيت لبيت، في كل مرة يُطرق الباب يظنون أنه حتفهم، وأن الكتائب جاءت لتعتقلهم كما فعلت بأخيها وكما ظنت أنها فعلت بوالدها أيضا، في كل صباح تنتظر النصر، تنتظر الفرح يغزوهم بعد الألم، تتصل بمروان لتطمئن على رضوان، وهو يتصل ليطمئن عليهم، يأتي ليضع أمام البيت دواء والدتها ويتصل لتخرج وتأخده ، فوالدتها كانت تعاني من مرض في القلب، كان الكل يبكي وكانت أميمة متماسكة وتقول سينصرنا الله قريبا، وسنرجع لبيتنا، وننسى كل ما مضى.
في صباح يوم جديد جاءت اختها لتقول لها (شفت واحد وكأنه رضوان في فيديو في قناة الجزيرة وهوفي غيبوبة في تونس) ردت أميمة (اصلا رضوان مات تو تشوفي هكي نحس أنا) ردت (كان مات قالك مروان شن بيكذب عليك)اضافت أميمة (خلاص ياستي تو نشوفه الفيديو).
كانت تنتظر وقلبها يخفق بشدة حتى رأته ، فقالت (قلتلكم رضوان مات هذا مش هو يشبهله صح لكن مش هو وكان هو انا بحداه في تونس توه)، نظر لها الجميع وكأنهم يقولون يالقسوتها، ويالها من جبارة، وكأن الأمر لم يحزنها.





تموز (يوليو) 2011


هاتف أميمة يرن ، رقم غريب تتردد، ثم تجيب، تجده والدها تنحب بالبكاء وتقول أنت على قيد الحياة، لا أصدق، قال لها اطمئني ، اعتني بوالدتك واخواتك، هم الان أمانة في عنقك، وإن وفاني الأجل تأكدي أنني فعلت ذلك دفاعاً عن أرضي، وعرضي، اصبروا بالتأكيد اخوك قُتل ، فالسجون اكتظت، ومن يصل له القذافي لن يرحمه، اذهبي لوالدتك قولي لها أفقدي الأمل فولدك سبقك للآخرة، على نحيبها ، وتجيبه لا تقل هذا ارجوك، قال يجب أن تواجهوا الحياة، وإن لم أكن أنا موجود كوني أنت الأب والأخ اعرف أنك لن تخذليني، سيكون مروان معكم متى شئتم، اتصلت به قبلك، الآن سأقول لك إلى اللقاء، حتى يوم النصر ، وتأكدي إن نصر الله قريب.
اتصل بها مروان ليقول أن  والدها اتصل به لكي يكون معهم، عرض عليها الزواج مؤقتا ليكون معهم، لكنها رفضت، احتراما لرضوان وقالت انه صديقك كيف تفعل هذا به، قال لها أنه لم يقصد الخيانة ، ولكن لكي يكون رجل معهم فقط، فقال لها إذا اتفقت مع والدك على هذا أنت او أحدى اخواتك ، رفضت اميمة الموضوع كليا، قالت له نستطيع أن نعتني بنفسنا ، سأعتني بهم كما فعلت بالسابق، وإن احتجت شيئاً سأحادثك.
سألته عن رضوان قال لها إنه طلب مني معايدتك في عيد مولدك لكنني نسيت الأمر برمته وانشغلت ، ابتسمت ولكنها لم تستوعب كلامه في طلبها للزواج.




21 آب أغسطس 2011


دقت طبول التحرير، الكل فرح، ولكن الحزن يخيم على أميمة، والدتها سمعت أن السجون قُصفت وخرج مساجينها، وتقول سيخرج ابني، ولكن أميمة تتذكر كلام والدها بأنه قد مات، لم تستطع اخبارها.
في الظهيرة رن هاتف والدتها برقم غريب اخذت أميمة الهاتف وردت وجدت صوت أخيها ، لكنها تعيد الكلام بصوت عال لكي يسمعها،قالت ان الشبكة ضعيفه، سألها عن حالها وحال والدتها ووالدها واخواتها، ألم يفعل بهم القذافي شئ، كانت تسأله أين هو، بكى كثيراً، قالت سآتي إليك فقال لها لا تفعلي ، ردت إذا سأبعث بأحدهم ، اتصلت بمروان، لم يتردد ، ذهب وجلبه، رغم كل الأزمات، يبدو وكأنه شغف أميمة حباً، هكذا كان الكل يقول، ترد أميمة بل لأنه رجل فقط ، ليس كل الاهتمام مشاعر.
وصل أخاها، احتضن الكل ، والجميع بكى، لم يكن يسمع جيدا، كان اثار التعديب واضحاً على جسمه، ويديه، كان يحمل أضلاعا مكسورة لم يستطع النوم على جنبه، وكأنه رجع من الموت، بقى مروان معهم للإفطار لإصرار أميمة عليه، كانوا ينتظرون ماذا سيحدث ، فجأة اتصل والدها ، اخبرته بأن ولده بجانبها ، اعطته اياه لم يكن يسمعه جيدا ولكن كان يكفيه أنه على قيد الحياة، قالت له متى ستأتي ، قال لها غداً او بعده، كان الاخ يروي قصة اعتقاله وعذابه والكل يستمع، ومابين الحين والاخر يسرح لتلمع عيناه بدمع يريد أن يخفيه.
كانت تنتظر أميمة اللحظة ليكونوا معاً، لينجلي الحزن ، ليذهبوا إلى بيتهم، كانت ترتب أفكارها ماذا ستخبر رضوان، وماذا حدث في غيابه تفصيلاً، قالت سأكتب، ثم تراجعت ، قالت لننسى الأسى ونبدأ من جديد.




25 آب اغسطس 2011


كان موعد رجوعهم للبيت، ينتظر الكل ذلك بفارغ الصبر، والدها سيوافيهم هناك، جاء مروان و أحد اقارب أميمة لينقلونهم للبيت، كما أراد والدهم، دخلوا وجدوا والدهم ، كان الكل يبكي بكاء حزن وفرح ، إلتم شملهم أخيرا،
جاءت أخت أميمة لتقول لها (بوي يبيك في الفيراندا) ، خرجت أميمة ، احتضنها والدها وبكى، قالت له بدون أن تنهار أو تنساب منها الدموع،(رضوان استشهد أليس كذلك،من قال لك، قل لي متى؟) ، رد والدها وهو يبكي بحرقة (زي ما قلتي يوم 16مارس ، لقيت راجل خالته بو سراج قالي كانوا يحبوا بعض هو وسراج ماقدروش على فراق بعض ماتمش شهر لين لحقه) ، تذكرت كل شئ ونظرت من بعيد وجدت مروان هو يتهرب منها وهي تطلب منه المجيء........................












يتبع  
























الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

أمل رغم الألم ....(قصة قصيرة ) ...الجزء الخامس

 

تبعثر ....


اخذت هاتفها لتكتب له (لن نكون اصدقاء فنحن أساساً لسنا كذلك ، اشكر لطفك وتعاطفك) ارسلت هذه الكلمات التي كانت وقعها كالصاعقة على رضوان، ويسأل نفسه ماذا فعلت لها لكي تفعل بي هذا ؟، ولكنه لم يدري أن النساء يميلن للاستقرار، الرجل والحب لديهن زوج وبيت وأطفال ، وإن لم يكن كذلك فالحب عهر.
كانت ليلة سوداء على رضوان اتصل بفاطمة ليبكي لها حبه الضائع، لكنه تعجب أيضا لردة فعلها، قالت له أنت أيضاً خذلتها كانت تحلم بحياة تجمعكما ، لكنك سرعان ما قضيت على الحلم ، اتذكر عندما حادثتك مرة لتفكر فقلت لها (كان تحسابي روحك بفراقك تحطيني تحت الامر الواقع بش نجي نخطبك إنت تحلمي) فأجابتك (عيب الكلام اللي تقول فيه أنا مانجريش في جرتك لكن تفكر يوم بتجي تبكيلي إنك قلتلي هالكلام وقاعدة نقولك من اليوم إنت خلاص عندي) .
صفن رضوان في حديث فاطمة، فقال في نفسه أيعقل أنها تناست أم نسيت كل ما ربط بيننا، لا أظن ، أظنها تكابر، متأكد أنا من ذلك.
في الجانب الآخر كانت أميمة تفكر في كل ما حدث لها ، أهو سوء حظ ، ثم تستغفر، فتطمئن نفسها أنها ابتلاءات وستضحك الدنيا لها يوماً ما ، تذكرت في تلك الليلة كلام اشرف رحمه الله لها (من اليوم إفراج اخدمي كان بتخدمي حرام تكوني قارية هندسة وعالأقل اخدمي بيها شهادتك شهور والا سنة لين نوصل فيك بعدين ساهل) .
اخذت تفكر ما الذي سيخرجها من كل تلك الكآبة سوى العمل ، ذهبت للجامعة وجدت أن الوقت قد فات في قبول المعيدين ، فقالت في نفسها سأذهب لمكان آخر، وهي خارجة وجدت استاذها فسألها عن حالها ، وسألها إن أرادت العمل أن تأتي لتعمل معه في شركته، شكرته على هذه الفرصة .



تماسك.....


باشرت أميمة العمل ، وكان رضوان أيضا يعمل في ذلك الوقت في احد الشركات النفطية ، كان قبل أن يذهب لعمله يأتي ليراها من بعيد، دون أن تدري ، أو تشعر، فالحب مات ، لم يعد القلب هو من يلتفت له، كان يراها وينتظر فقط أن تنظر له يوما ما فيرجع الأمل من جديد، لكنه لم يحظى بتلك الفرصة .
في احد الأيام ، جاء رب عملها صباحاً ليقول لها أريدك في موضوع خاص ، ذهبت لمكتبه ، قال لها (على حسب ما نشوف فيك اليوم ليك خمسة شهور تخدمي معانا وما اعتقدش إنك مخطوبة أو مرتبطة لأن ما عمري شفتك لا جايك حد ولا تكلمي في حد،عموماً جاني مهندس كنت نقري فيه وجمعتنا خدمة اكثر من مرة وجاي يبيني نمهدله الموضوع إنت عاجبتيه ويشوفك وبيمشي يخطبك ، وكان معانا في الكلية ، والله هو ولد كويس انا نعرفه) ردت (من؟) قال لها (رضوان المصراتي) ابتسمت ابتسامة خافتة قائلة (أنا لا افكر في الزواج أعذرني، اعتذر منه لا استطيع أن أراه)، احترم وجهة نظرها ولم يناقشها .
رجعت للبيت لتهاتف فاطمة، قالت لها إلى متى سيبقى رضوان هكذا، أتى للبيت قرابة العشر مرات، والآن يلحق بي حتى بعملي، متى سيشعر أن كل ما بيننا انتهى ، ما مضى لن يعود ، لما يطلب الغفران وأنا لم استطع العفو بعد.
مرت الأيام حتى وجدت هاتفها يرن كعادته ، رضوان ، كان صباح عيد مولدها ، لم تجبه ، وصلت أمام المكتب لتجده أمامها، قال (صباح الخير، نتصل وماترديش ما عنديش حل الا نجيك ، كل سنة وانت طيبة، وكل عام وإنت حبيبتي، بالله اعطينا فرصة ثانية، والله ما نستاهل منك هذا كله، وليلي وديري فيا اللي تبيه ،افتحي صفحة جديدة وحاسبيني أول بأول) ابتسمت له واجابت (إنت مني؟ انا نعرفك قبل، كأني شايفاتك صح ، هكي تبيني ، نفتحوا صفحة جديدة و نتعرفوا من جديد قصدك، رضوان إنت متت عندي، قلبي هذا كان دقلك ثاني والله حنجيك، لكن أنا مش زي قبل، أنا معش نحس بيك، حرام تكمل حياتك معاي وأنا اصلا ما نحسش، خليها عالأيام كان رداتك زي زمان وعد مني حنكلمك ، وغير هذا معش تضايقني بالله عليك) .



محاولة إنقاذ......



خاب أمله ، لم يريها حتى الخاتم الذي جلبه لها، ترك الأيام تصلح ما افسده هو ،مرت الأيام ، لم يستطع البدء من جديد ، ولم تستطع أميمة كذلك فما مرت به كان قاسياً بعض الشئ .
جاء سراج ابن خالته يقول له (خيرنا يا رضوان إنت ميت ره ولي اضحك ولي زي ما كنت اليوم ليك قريب سنة من عيدميلاد اميمة وانت ماتندري عالدنيا وين ، والله البنت ساحراتك) رد (صكر فمك معش تقول عليها هكي وبعدين اصلا مازال شهرين ونص على عيدميلاها معناها النكد ما طقش سنة ، وانا الحق زدت تنكدت بعد عيد ميلادها لاني بعتث مسج وشفتها من بعيد والله حتى ابتسامة لا قراته باشمئزاز)اضاف سراج (ماتبيش تقتنع والله ساحراتك تعالى بنرفعك لشيخ وضم فمك ما تناقشنيش ونثبتلك إني على حق) لإسكاته قال له فلنذهب، ذهبا لشيخ بمنطقتهم يعرفهم جيدا، عندما دخل رضوان سأله الشيخ (خيرك يا ولدي يا رضوان) رد (سراج مصمم إن مدايريلي كتيبة قال لا نضحك لا نبصر لانتكلم زي قبل) قال الشيخ (امشي والله مافيك حاجة شوف قلبك شن فيه بس) ضحك رضوان والتفت لسراج بسخرية (قلتلي كاتبتلي صار، شن فهمك إنت في الحب).
رجعا للبيت معا فقال سراج (وين تخدم أميمة الهم هذه؟) رد رضوان (مادخلكش فيها خلي البنت في حالها والله تديرلها حاجة معش نتفاهم معاك)رد (والله ما مدايرلها حاجه نبيها في حاجه بس اعطيني وين تخدم وماخصكش وكان درت حاجة معكوكة حاسبني)، اعطاه العنوان وهو يحذره.
جاء صباح اليوم التالي فذهب سراج لأميمة ، سلم وقال لها اتذكرينني ، قالت نعم ، فقال لها اريد هاتفك إن كان في حديثي الان يضايقك، ردت أنها مشغولة وكتبت رقمها في قصاصة واعطته إياها.
بعد أن رجعت للبيت اتصل بها، وسألها إن كانت تحب رضوان بكل صراحة ، ردت أن رضوان كان الأمل الذي مات قبل أن يولد، فقال لها أقسم لك أنه يحبك، ردت أقسم لك أنني أدري لكنني لم أعد أراه كما كنت اراه سابقاً، سأكذب إن قلت لك أنني لا اذكره، بالعكس اذكره كمرحلة كنت أريد أن احياها ، ولكن السنين تكفلت بالرفض، لم أعد أذكر له سوى الأسى، سراج ربما لاتعرف الخذلان لكن هو اصعب ما يمكن أن يقاسيه الانسان ، رد عليها ، أعطه فرصة ستندمين يوماً ما عندما تجدين كل من حولك يحب سواك، ساقترح عليك ، لما لا تعطيه فرصة وكأنه شخص آخر، وإن خذلك اتركيه وأنا أول من سيقف معك، ردت اترك لي الفرصة لأفكر.




اقتراب.....


صباح يوم جديد سارت به الى عملها ، تفاجأت باتصال من سراج ، ردت ( صباح الخير) رد(صباح الخير اتصلت بيك بكري سامحيني بس حبيت نقولك ابوبكر خو رضوان توفى بسكتة ورضوان منهار جدا وما يكلمش في حد ارجوك كلميه كان يهمك) اكمل كلامه لتغلق الهاتف وتتصل برضوان فورا، ربما هي حرقة القلب في الموت التي رأتها في فقد أشرف هي من جعلتها تتصل ، حادثها وكانت تعزيه وتحاول مواساته بكلمات هي تدري أنها لا تنفع ، لكن وجود أميمة بجانب رضوان فعالا في التخلص من حزنه، رجعت تحادثه لتطمئن عليه كل حين ، هو فرح بذلك ، وكان يقولها صراحة انه لن ينسى لها كل هذا، وكان في قرارة نفسه يخاف أن تكون فترة شفقة فتنساه، ولكنها لم تعزم على ذلك ، قالت في نفسها ربما الاقدار من جمعتنا ثانية ، الان رضوان حنون ، يشعر بي كثيرا، وهو يحبني ، وأنا سأفعل يوما ما .
رجعت علاقتهما لتصاب بالفتور ، أميمة لم تعد تهتم كالسابق ، لكنه يفعل، وهي تشعر كما شعرت بأشرف حنان،واهتمام، وهي ذات القلب الحجري.
جاء عيد مولدها تمام الثانية عشر ليلاً كتب لها رسالة (انتظريني اليوم) استغربت فكتبت (ماذا؟) رد (انتظريني سآتيك) ظنت أنه سيأتي للعمل، ذهبت صباحا للعمل ، انتظرته ولم يأتي، لم تحادثه من غيضها ، ثم قالت في نفسها ، هل اشتقت له؟ ، لا أريد أن اذكره، لم يتصل هو فرجعت للبيت.




مفاجأة .....


على تمام السادسة بعث لها برسالة (افتحي الباب يا أميرتي) ردت (أين أنت؟) رد (أمام البيت) ردت (ما تفعله جنون) ذهبت للنافذة لتجده هو ووالدته، وبيدها علبة كيك، ووردة، اخبرت والدتها ووالدها أنهم أمام الباب ، نظرت للمرأة لتجد فرحة بعينيها مجدداً وكأنها رأت نفسها المفقودة من جديد، تسأل نفسها ، هل للحب أن يتجدد، لا لا ، احبه اهتمامه فقط .
ذهبت لتسلم فأعطتها والدة رضوان ورقة منه فتحتها لتقرأ (سيدتي ...أجل أنت كذلك..أما حان لك أن تجتازي حواجز كرامتك وتغمريني بلطفك ،وتقبلين بي زوجاً، ادري أنني نصفك الآخر،واغار عليك كثيرا ، فكلما جلت البلاد، لم أجد في عيني أجمل منك، ولا لقلبي قلبا أحن من قلبك، سيدتي هذه والدتي أغلى ما أملك لازالت حزينة على أخي ولكنها جاءت لتزرعي بقلبها فرحة تزفها لي، ملاحظة : إن رفضتني لن اتركك وشأنك حتى يفرقنا الموت).
ابتسمت وشعرت بشئ من الحب والحنان وكل ما كانت تنتظره منه، رجعت والدته البيت وهي سعيدة لرؤياها، اتصل بها رضوان ليسألها رأيها في ما اهداها إياه ، قالت اترك لي شهرا افكر به ،ولا تحادثني الا نادراً ، ولا تضغط علي، فوافق لحبه الجم لها .
مر شهر ونصف، وكان عيد مولده بعد يوم ، كتب لها (أما حان الوقت) لم تعره اهتمام ، انتظرت حتى يأتي اليوم التالي عندما حان الوقت على تمام الثانية عشر بعثت له برسالة تقول بها (من أجل كل أيامنا الجميلة ، ومن أجل كل شئ جميل ربطنا، لا تخذلني ثانية، ولا تجعلني احزن، كل عام ونحن سويا) ابتسم رضوان واحتضن الهاتف حبا لها، وكتب لها (إن قسى الانسان على نفسه مرة أو مرتين كي لا يحزن الثالثة ، اطمئني ستكونين كل حياتي ) ابتسمت ونامت على ابتسامة حب أو رضا لم تكن تفكر كثيراً، لكنها كانت تقول في نفسها إنه موعدي مع السعادة لا شك.



وعكة .....


بعد مرور أسبوع من عيد ميلاد رضوان كان من المفترض اعلان خطوبتهما، ولكن شعرت أميمة بوعكة صحية نقلت على اثرها للمستشفى .
في  يوم الخميس بتاريخ 17فبراير 2011 أجرت عملية الزائدة، لم تكن تدري أن هناك ثورة بالبلاد ،لأنها كانت بالمستشفى منذ اربعة أيام كانت تتألم ، وكان رضوان يتصل بوالدتها ليطمئن لأنه لم يستطع سماعها تتألم ، فتسأل والدتها أتصل رضوان ؟ تقول والدتها نعم ، فتقول إن اتصل مرة اخرى قولي له إني اريده، اتصل في اليوم التالي اعطتها والدتها الهاتف، ردت (معقولة ما تجينيش وماتكلمنيش أما حب هذا شني يا فالح والا ضمنتني خلاص معاك معش بتدورني ) رد بكل حزن وهدوء قائلا (انا في مصراته اليوم سراج استشهد طلعنا ثورة عالقذافي يا أميمة و..........)









يتبع .........




الأحد، 14 سبتمبر 2014

أمل رغم الألم ...(قصة قصيرة ) ... الجزء الرابع




أمنيات .....


بعد أن أنهى اشرف حديثه معها ، أجابت أميمة بكل تلقائية ( كيف انا تحسابني نبيك وانت صحيح مافيك شئ وبنسيبك على خاطر مرضت أكيد لا ، تو ان شاء الله ربي يشفيك ونكونوا مع بعض وبعدين شني وليت في كلامك مش بتعيشني احلى دنيا والا وليت في كلامك في حبك ليا ،عالعموم مش مسألة تعاطف والا شفقة ، القصة أكبر من هكي نسيت انك رفيق دربي يعني انا لما نطيح من بنلقى الا انت وحتى انت وربي يجمع بيننا بالخير وهذا امتحان ربي يقيس في صبرك وفترة وتعدي معش نبي نسمع كلام ثاني خلي كل شئ زي ماهو نأجلوا موعد العرس شوي عادي لكن ما نرضاش تسيبني وخلاص)
بكى أشرف كثيرا حيث أنه توقع أن أميمة مجبورة على الإرتباط به ويدري أنها لا تحبه وأن هذه فرصتها لكي تتنصل من الزواج به ولكنها اثبتت العكس ، رأى بكلامها صدقا لم يتوقعه ، وردت وهي تبكي معه أن أمنية حياتي انت وسأكون معك وتضيف له لما البكاء تأكد أنني لازلت معك وسأكون معك دوما فأغلقا الهاتف ، وبكت .
لم تكن كتلك الليالي التي بكتها من اجل رضوان ، اشرف شئ مختلف بالنسبة لها ، وإن لم تشغفه حبا ، فهو الرجولة ، الأمان ، والحنان ، التي طالما افتقدته ،باتت ترجع شريط حياتها معه ، كيف كان في أول أيامه معها ، كيف انه لا يريدها أن تدرس هندسة لأنه لم يقتنع قط بعمل المرأة ، كان يقول ( تعرفي واحد زايد واحد والا خلاص سادك هذا اللي بتقري بيه الصغار والباقي قراية زايدة ) ،كانت تحب كل كلامه بالرغم من أنها كانت تقول أن الحب يأتي مرة واحدة فقط، ولكنها تأكدت أن الحنان الذي تجترعه من اشرف لم تكن تجده حتى في والدتها ، كيف أنه لم يطلب منها الاهتمام كان عاقلا جدا حتى أثناء مرضه ، كان لا يخبأ  مشاعره أمام احد حتى والده ، الكل يدري أن مكالمة أميمة هي الدواء الذي لا يشعر بشئ بعدها مهما آلمه المرض ، فهي بمثابة مسكن فينام بعدها مباشرة ،كان الكل يحبه في العائلة لأنه حنون ، وكذلك كل من يحيط به لأنه رجل بكل معنى الكلمة وقد افتقدت أميمة وجود رجل مثله لذلك في كل يوم كانت تتعلق به أكثر فاكثر، كانت أميمة قصيرة بعض الشئ واشرف طويل القامة عندما تقف بجانبه تصل الى مرفقه فيضحك فيقول لها ( ألبسي كعب يا بنت عالأقل 12 سم لما توقفي بحداي يادريه ) وكانت تضحك وترى الحب الحقيقي بعينيه كما لم تعرفه من قبل .
ذهبت أميمة للجامعة لتكمل مشروع تخرجها ولكنها وقفت في شئ يحتاج مهندسا معماريا لم تتردد وجدت رضوان حادثته قالت انها تريده بمساعدة ، فرح لأنها لجأت له ولكنها لم تعد تجد عاطفتها نحوه تقودها ، فرحت لأنها تجاوزت مرحلة حبه، وفرحت لأن قلبها لم يعد يخفق بذلك الشكل ، لم تعد يدها ترتعش عندما تفعل أي شيء وهي بجانب رضوان، أخيرا تأكدت أن الخذلان كفيل بأن يقتل الحب، كفيل بأن يترك كل أوهام الحب الأول تتلاشى دون أن تشعر، ربما هو حبها لأشرف وإن لم تصرح به ،هكذا كانت تقول ، فرح رضوان لأنها لجأت إليه ، وكان يفعل كل ما ارادت منها بكل حب ظناً منه بأنها سوف ترضى عنه وتترك اشرف وتأتيه ، لكنها عندما أكمل لها العمل سألته عن المقابل ، فقال لها أريد قلبك، قالت له لو كنت ادري أن ذاك المقابل ما أتيت ، لأن ما تطلبه بات مستحيلا فالقلب ملكه غيرك ، ضحك وقال لها سيأتي يوم وترجعين لي كما كنت قبلاً، ردت ربما في الحلم سيحدث ذلك ، ذهبت وكأنها تركت كل ذكرى بينهما لتعلق بقلبه ، وهي تأكدت انها تعافت منه تماما.
جاء يوم تخرجها كان اشرف مريضا جدا لم يستطع الحضور ، كانت تفتقده بالرغم من حضور الكم الهائل من الناس وكان رضوان أولهم، كانت متألقة كعادتها ناقشت مشروعها بامتياز، ما لبثت ان اكملت حتى اتصلت بأشرف لتخبره ماذا فعلت رد عليها ( عارفك حبيبتي شطورة تو اليوم الليل نكون عندكم بش نباركلك ردي بالك على روحك وتأكدي إني نحبك ديما ونحبك كدس)، سلمت أميمة على كل الحضور وباركوا لها ، وجاء رضوان ومعه سراج الذي كان معه بالحادث وهو يكره أميمة ودائما يقول له ( تجري في جرتها وهي والله ما تستاهلك مستغرب هالحب اللي تحبلها فيه انا نكرهها هي ماخلاتكش رضوان الاول قعدت مسبوه تفكر انها السبب بش درت الحادث قريب قصفتلك عمرك تتغلى عليك وانت روحك فيها امتى بتدير لروحك قدر يا ولد خالتي وتنساها كلم غيرها فوتها هي انخطبت وانت قاعد تتسبل بش تشوفها والله ما مخليك تمشيلها بروحك ثاني ) تقدم رضوان لأميمة وكان ينظر لها سراج باشمئزاز أمسك رضوان يدها وقال لها أما آن الآوان ؟ ردت لماذا ؟ قال لنكون معا ، ردت افلت يدي لتريه خاتم أشرف وهو يبرق في يدها واضافت وهذا كل هذا أين سأذهب به ؟ أقتلعه ؟ أهناك من يجد روحه التائهة ويفلتها ؟ هكذا فعلت أنت وأنا لن أفعل سيدي ، رد عليها ( انا نحبك ومستحيل تلقي حد يحبك زيني ) قالت (باه ) رد كما اعتاد ان يقول لها عندما تقول له هذه الكلمة ( ايبهي ايامك ويخليك ويعليك وينجيك وان شاء الله ما نموت لين نوصل فيك ) ردت ( خليني في حالي ) ومضت وهو يلاحقها بعينيه ولم تعد تكثرت ، وتقول في نفسها أقسم أن حبي له قد مات وإلا ما كنت فعلت هذا به بكل قسوة.





رضا......


جاء الليل لم يأتي أشرف اشتد عليه المرض اتصل واعتذر ،كانت تقول له لا بأس سأذهب انا إليك غذا إن اردت ، استغرب منها كلمة إن اردت ، فهو بعض المرض لم يعد يستطع ممارسة حياته الطبيعية ، حيث قيل لها انه نقص وزنه كثيرا واصبح عصبيا وهي لم تجد ذلك منه ، وكانت بطنه منتفخة جدا ، قالت إن اردت ظناً منها أنه لا يريد أن تراه بهذه الحالة ، قال لها إن أردت أنت فلتأتي الليلة إذاً، ابتسمت له وقالت له سآتي غذا ، ذهبت لوالدتها وقالت أما حان لي أن أزور اشرف مرت اشهر ولم أره وهو مريض جدا كما تعرفين ، فقالت لك هذا ، ذهبت لهم عشية اليوم التالي ، دخلت وفرحت بوجوده وأنها تراه لم تكن تنظر له كما وصفه الجميع كانت تراه بحلته القديمة ، ربما هي عين الحب ، صافحته فمسك يدها واجلسها بجانبه، وتحادثا ، قالت لها والدته انه لم يخرج من غرفته منذ اربعة ايام ، قالت له لنخرج لحديقة المنزل، فقال لها هيا ، استغرب الجميع الذين تحايلوا عليه ليخرج وهو لم يكن يرضى ولكن عندما حضر الحب تغير كل شئ بالنسبة له ، جلسا على جانب البيت أرضاً ، كان يحب العصافير ، الحمام ، الارانب ، القطط، وهي كانت تخاف كل شئ لا تحبهم فطرةً ، كان يقنعها وهي تقول ( كل شئ نتقبله الا الحيوانات تربح فكني منهم ) وهو يضحك ، مر والده بجانبهما ، سلم وفرح كثيرا أن ابنه خرج ، فرد أشرف قائلا ( بوي هذا شارع الحب ممنوع تخطم بروحك امشي جيب امي وتعالى ) ضحك والده كثيرا ، حيث انه افتقد روح الدعابة التي طالما كان اشرف يغمر بها الجميع ، احمرت وجنتي أميمة خجلا مما قال اشرف وعند ذهاب والده قالت ( ما تتحشمش انت تقول هكي لبوك ) رد ( من اللي ما يعرفش اني نحبك يقعدوا بحداي طول اليوم وين تتصلي نتلفتلهم ونقوللهم الحلو يتصل بيا خروج كلكم ما حد يناقشني) ابتسمت أميمة ابتسامة كلها حب مما رأته في عينيه ، جاء موعد العشاء لم يكن يأكل كعادته ولكن بعد اصرارها اكلا سوياً فقال لها (خلاص بنكلم بوك نقروا الفاتحة وتقعدي علاش منه العرس نربحوا قعدتنا مع بعض بش ناكل وتردي بالك مني وتقعد الحياة حلوة ) ابتسمت ابتسامة رضا بموافقتها وردت ( هيا كمل الصونية من بكري وانا ناكل وانت تتفرج ) .
رجعت للبيت وكانت اجمل ايام حياتها ، بعد حوالى الاسبوع من تخرجها رن هاتفها قالت احدى صديقاتها انها تريدها ان تأتي للجامعة، ذهبت فقال لها رئيس قسمها انها تحصلت على الترتيب الثاني في دفعتها واسمها ضمن المرشحين للبعثات ينبغي عليها أن تكمل أوراقها لتباشر معيدة في الجامعة الفصل القادم والا تتأخر عن اسبوع والا سيمنحون الفرصة لغيرها سيبقى اسمها في البعثات لكن ان اختاروا العدد الكافي ولم تكن معيدة ربما لن يحالفها الحظ هذه السنة، فرحت ، لم تخبر اهلها ، ذهبوا جميعا لبيت اشرف ، دخلت فاخبرته ، كانت احوال اشرف المادية جيدة نوعا ما فقال لا اتركي كل شئ انا لن اذهب معك ، قالت لما قال ( كان تبي تقري انا نقريك على حسابي مش عقاب الوقت ماشي معاك ويقولوا رافعاته مرته والله ما تفكري فيها بكل ) غضبت ثم ادركت ان كلامه صحيح فابتسمت ابتسامة رضا ونست الموقف دون ان تخبر احدا من اهلها عن هذه الفرصة، لم تكن تفارقه طيلة ذاك الوقت ، تعلمت وخز الإبر ، كل شئ عملت له كممرضة .
لأجل العلاج قرر اشرف الذهاب لألمانيا ، وذلك بأن المرض يأكل اجزاء معدته منذ اربع سنوات ونصف وهو لا يدري ، اتصل بها وقال لها انه سيسافر غذا ، ذهبت له ودعته ، وارادت ان تذهب له في اليوم الثاني للمطار لكن قلبها لم يقوى على وداعه هكذا ، فلم تذهب، بقى بألمانيا خمسين يوماً ، كان يحادثها مرة صباحا واخرى مساءاً ، كانت تنتظره بكل حنان حتى رجع ، عندما خرج من المانيا كانت صحته غير جيدة فنقلوه بطائرة اسعاف ، كانت تحلم ان تذهب للمطار لتستقبله ولكنها بعد ان خرجت قيل لها انه سينقل للمستشفى فورا لأنه في غيبوبة ، بكت واسمعت كل من كان حاضرا بكائها ، بكت وابكتهم جميعا، كيف كانت تنتظره وكلها أمل أنه يتعافى وكيف اتى، لم تستطع حتى سماع صوته، غائب عن الوعي ، اتراه يودعها ، تسأل نفسها باستمرار، كانت اطول ليلة على الاطلاق ، جاء الصباح اتصلت اخت اشرف لتقول لها إن اشرف يريد محادثتها فرحت قالت ( هيا ما تتعبش روحك وتتكلم انا استاحشتك هلبا وكدس مسافة الطريق ونكون عندك ) ضحك واغلقت الهاتف ، وفي الطريق يتصل بها رضوان فهو كان يتصل منذ اربع ليال لم تدري لما، كانت شبه منهارة ، فقالت إن لم اجيب سيبقى هكذا ، اجابت قالت نعم ماذا تريد ؟ قال ( والله يا اميمة نحبك بالله عليك ما تتزوجي تعرفي كان تزوجتي غيري والله نقتلك ونقتله ونقتل روحي ) ردت ( اعقل بلا جو المرض اللي تدير فيه سيبني في حالي انا مليت منك ) واغلقت , ذهبت لأشرف وجدته داخل العناية وسط الأجهزة ، ابتسمت له ابتسم لها ابتسامة ارجعت الحياة في اوصاله ، تكلم وضحك و أتى الطبيب وقال له ستخرج من العناية اليوم تحسنت كثيرا عن البارحة ، فرح الجميع خرج من المستشفى بعد اسبوع وهي كانت تزوره طول الوقت وكانت تشعر بألمه وهو لا يأكل الا وهي معه، رجع للبيت ذهبت هي وامها لبيتهم كان يوم ثلاثاء ، بقت جل اليوم معه وعندما قالت له تصبح على خير انا سأذهب طلب منها ان تنام ببيتهم قال لها هي مرة في العمر اطلبها منك ابقي اليوم ، فهي قبل خطبتها، وفي زفاف اخيه كانت تبقى وتنام لديهم لقرابتهم بها ، سـألت أمها فقالت لأمها ابقي معي لنذهب معا صباحا ، استأذنت من والدها سمح لهما بالمبيت ، اتت بالعشاء وسهرت هي واخته واشرف ، عندما قالت اريد ان انام ولو ساعة لم اعد اراكم ، قال لأخته (اعطيها بطانيتي مش مسامح حد يتغطى بيها غيرها ) ابتسمت وقالت لها لا يسمح لاحد بلمسها نهائياً اخذتها ذهبت لغرفة اخته ونامت ، وهو كان لا يستطيع الحراك اذا لم يساعده احد ، صحت بعد اقل من ساعة ، ذهبت وجدته هو واخته يضحكان وعند رؤيته لها لمعتا عيناه ، فقالت اخته (هذه نظرات الحب والا بلاش ربي ما يحرمكم من بعض ) جلست أميمة على الكرسي أمام السرير واستلقت اخته بجانب السرير من التعب لتنام ، ضحكا كثيراً وكانت ليلة جميلة حلما بها بيوم يجمعهما ، جاء الصباح دخلت والدته لتجدهما على تمام الانسجام في الحديث ، وتقول ( ربي يفرحني بيكم ونديرلكم عرس سبعة ايام وسبعة ليالي ) رد اشرف ( انا قررت اني مش مداير عرس حتي هي ما تبيش الحوش واتي تجيب شنطة حوايجها ومنها ترد بالها مني لين نصح شن رايك ) ردت والدته ( تو نقول لبوك يقول لبوها بما انكم متفقين ) خرجت اميمة وقد احمر وجهها خجلاً وذهبت للمطبخ لتأتي بالافطار لهما ، افطرا معاً ، بعد أن اكملا قال لها هل لي بطلب ، ردت اطلب عيناي ، فقال لها أريد ان امسك يدك ، فلم تتردد امسكت يده ولم تفلتها حتى استيقظت اخته و أتى والدها ليرجعها للبيت ، خرجت وهي تبتسم له وقالت ( رد بالك على روحك تو نقنع بابا نجيكم غدوه وكان خلاني تو نبات )
ابتسم لها وعيناه يغيم عليهما الحب ولم تفارقانها .







الخميس 26 مارس2009ِ


كانت اميمة تنتظر صباح هذا اليوم كانت في بيت خالها لظرف عائلي ، وكانت ستذهب لبيت اشرف هي وخالها وزوجته، جاء الصباح على تمام الثامنة ، هاتف خاِلها يرن يرد ( لا حول ولا قوة الا بالله ) ترد زوجته ماذا؟ يقول (توفي اشرف )
كانت تستمع لهم اميمة ولم تقوى على الحراك ، ايقظوا ابنائهم جميعا ولم يستطيعوا ايقاظ أميمة لصعوبة الموقف يقول نادر الابن الاكبر اخبريها يا أمي انا لا استطيع ، ترد وانا ايضا لا استطيع ، يلتفتون لمودة اختهم اخبريها ، ترد لا استطيع ، واميمة تستمع للحديث باكمله ، محمد احد الابناء يقول وانا لا استطيع ، قال لهم خالها اذهبوا جميعا اسبقوني للعزاء انا ساخبرها ، خرج نادر برفقة امه واخته واخويه وصل لنهاية الشارع وهو يبكي رجع للبيت تقول له والدته ما بك ، يرد ( والله أميمة ما مسامحتني كيف نمشي قبلها وما نقوللهاش ) دخل البيت قال له والده لما رجعت سأخبرها انا ، اذهبوا جيمعا حتى لا تراكم وتزداد الصدمة عنفاً عليها ، ذهبوا اغلقوا الباب ، كانت اميمة تغلق عينيها وتفتحهم لكي تتأكد انها في حلم ، تأكدت انها الحقيقة ، لم تقوى على الكلام ، كانت تسمع خطوات خالها كيف يأتي ويذهب فهو لم يقوى على مواجهتها ، على تمام الحادية عشر جاءها خالها قائلا ( خالو نوضي ياسرك نوم ) ردت ( انا فايقة ) قال (هيا نوضي مش بنمشوا لحوش اشرف ) ردت (لا) صدم خالها ردت ( علاش بنمشي ) رد دون ان يقترب حتى لا ترى العبرة تخنقه (هو يا خالو ارتاح توفى مسكين قداش كان يتعذب تشوفي فيه كيف كل مرة حاله اسوأ مسكين افرحيله توفى شهيد مبطون وفي يوم خميس وبيندفن في ليلة جمعة ) هي تدري انه كلام مواساة فقالت له ( الله يرحمه اللهم اجرني في مصيبتي واخلفلي خيراً منها) نهضت لملمت اشيائها وركبا في السيارة وقالت الى بيتنا ، قال لها ألن تذهبي للعزاء ، ردت لا ، قال لها إنه اشرف ، ردت لست حريمته لأراه قبل أن يدفن ليس لي شئ هناك سأذهب الى بيتنا ، احترم رأيها وذهبت للبيت دون ان تنزل دمعة واحدة، الكل في البيت يجهز نفسه لكي يذهب قبل الجنازة ، يقولون لها ألن تذهبي قالت لا ، الكل عاتبها ، ولكن تركوها ، ذهبوا تذكرت ما قال لها تلك الليلة، اخر ليلة كانا معا سألها ( كان متت ردي بالك تجي لعزاي ثلاثة ايام مانبيش الناس يشوفوك وانت تبكي عليا) ردت ( اعوذ بالله من الشيطان الرجيم شن تقول انت ان شاء الله حالك كويس وشن كنت تقولي بتعيشني احلى دنيا واهو بدينا فيها بتسيبني توه تفائل ومعش تنكدها ) يضحك فيصر عليها (بالله عليك سايريني انت شن خاسرة قوليلي وعد بس ) ردت من باب المسايرة لم تكن تدري انه يودعها اصلا ( وعد ياهمي وعد انا بنومت قبلك اصلا ) رد ( ان شاء الله ربي ما يخليني ونشوفك حتى مريضه مش تموتي ) ردت ( سادنا من حلقة الخيال والرومانسية والنكد ) رد ( العصافير الزوز جايبهملك بش تروحي بيهم ) ردت بعفوية ( انا ما نحبش العصافير )، تذكرت انه يحبهم فأضافت ( على خاطرك بنروح بيهم ولما بنجيب شنطتي تو نجيبهم معاي ) عند رجوعها للبيت اتضح لها انها نست الموضوع فقالت الخميس سأذهب لاتي بهم كي لا يغضب مني ، مضت ثلاثة ايام لم تبكي فيهم قط ، في اليوم الرابع قالت لوالدها اذهب بي للعزاء ، عندما دخلت الخيمة امام البيت وجدت ابنة عمه طفلة صغيرة تحبها كثيرا وتحب اشرف رحمه الله دخلت وهي تصيح (أميمة جت أميمة جت شن بتقولولها اشرف دفنتوه في التراب ) فبكى الجميع وبكت كثيراً، لم تكن تقوى على رؤية والدته ، عمته، اخته ، زوجة اخيه ، الكل كان لا يريد النظر في عينيها كي لا ينهار ، ذهبت بجانب البيت بكت فوجدت والده فنسى كل شئ واحتضنها وقال لها ( راح الغالي يا بنتي ) فقالت له ( ارفعني للمقبرة ) ، لبى طلبها ، ذهبت لترى كيف أن كل شئ مات ، ذهبت لتتاكد هذه اللحظة فقط أنها لن تراه ثانية وجدت قبره ليس كبقية القبور كان طويلاً لطول قامته ، دعت له ، ورجعت البيت فقيل لها لماذا لم تأت من قبل فقصت على اخته ما اوصاها اذا توفى ، بكيا الاثنتين فقالت لها (هذه بطانيته وهذه تليفوناته هاذم ليك لان هو موصي ما حد يأخدهم الا انت ) بكت وكانت تشتم رائحته بأغراضه، اخذت هاتفه فاتصلت برقمها لترى ماذا كان اسمها به وجدته ( الدنيا ومافيها) بكت كثيرا ، سألت اخته أين عصافيري الذي جلبهم لي اشرف، قالت لها ( بعد الجنازة تذكرتهم ركبتلهم نبي نقوللهم صاحبكم مات لقيتهم يا سابقينه يا لاحقينه الزوز قلت في خاطري سبحان الله ماتوا قبل ما ترفعهم أميمة ممكن بش ما يموتوش عندها وتتأثر اكثر ) احتضنتها وبكيا كثيرا فقالت أميمة وهي تبكي ( خلاني بروحي يا رب صبرني يا رب صبرني) وترحمت عليه ، بقت اياما عدة تذهب اليهم الى ان قاطعتهم تماما بعدما وجدت ان والدته تنهار كلما تراها .
اتصلت صديقتاها بسمة وفاطمة لتعزيتها وجئن لبيتها لاتمام الواجب ، أخبرا رضوان بما حدث ، اتصل بها كثيراً لكنها لم ترد ، كتب لها رسالة ( ادري ان مصابك فيه عظيم لكن لا تقنطي عظم الله اجرك فيه ، اريد ان أكون بجانبك ولو صديق)
اخذت أميمة هاتفها لتكتب له ........
ِ








يتبع

الخميس، 11 سبتمبر 2014

أمل رغم الأمل....(قصة قصيرة ) ....الجزء الثالث






حنين....




بعتت برسالة (تنهدت والتنهيد قلبي ضره ...والرخص من بعد الغلا ما امره ) ونظرت الى هاتفها لتصل رسالة بعد أقل من دقيقتين فقط من ارسالها لها فتحت الرسالة اذا بها من رقم رضوان ترددت في ضغط زر الفتح لارتعاش يديها وعندما قرأت المكتوب نزلت دمعتاها بحرقة على ما كتب حيث كان نص الرسالة ( سلامة قلبك من التنهيد ..بلا تنكيد...راهو فراقك شئ صعيب ..والغالي يقعد عندي غالي ...لا يرخص ولا يغيب عن بالي ) ،احتضنت هاتفها ،واصبحت تحادث نفسها ، هل احادثه ، لم تستطع الصبر ، فاتصلت ففصل عليها الخط ، غضبت ، فاعادت الاتصال ، فصل من جديد ، قالت أيعقل انه لم يعرفني ، لما اذا رد بهذه الرسالة وكأنه يدري انني انا، فوسط هذه التساؤلات يضيء هاتفها برسالة اخرى تفتحها بلهفه تجدها من رضوان (حبيبتي بجانبي والدي عمك خليل ،انتظريني سأتصل بك...) فرحت كثيرا وكأن الحياة ضحكت لها مجددا ، وكأنهما رجعا قبل سنتين ، حيث كان الحب في أوج التألق في أوج الحياة، كانت تنتظر وخفقات قلبها تزداد سرعة تنتظر متى يضيء هاتفها، فأضاء هاتفها ضغطت زر الرد ولم تقوى على الحديث، قال لها (حبيبتي واخيرا حنيتي عليا ...) فابتسمت بصوت خافت لا يكاد ان يسمع ..لكنه سمعه فقال ( قداش نحبها هالضحكةهذه وين حسيت روحي اني عايش ...) ، وكان كلامهما لا عتاب به وكأنهما لم يفترقا أبدا، وختم مكالمته ب( أراك غدا )، فحاولا النوم وفي قلبيهما شوق لن يطفئه سوى الوصل انتظرا الصباح ، وكأن الصباح قد تأخر ، اخذت أميمة هاتفها فكتبت ( رقدت) وبعتث بها لرضوان وإذا برسالة من رضوان تصلها في نفس الوقت كتب بها ( رقدتي ) فضحكا كثيرا وبعتث (القلوب عند بعضها) واذا بنفس الرساله تأتيها ، فضحكت ، وهو ايضا، فكتبت ( يلا ارقد بش نتلاقوا غدوه ) فرد (تؤمري حبيبتي ) فكتب (احبك ) ردت (وانا ايضا) ، فكتب ( أما حان الوقت لكي اسمعها او تكتبيها صراحة ) كتبت (كل شئ في وقته حلو يا حلو)                 
جاء الصباح خرجت مسرعة تنتقي ماذا ترتدي وكأنها في موعده الأول معه فتذكرت انه يقول لها ( في اللون الاحمر اراك ملكة ) فاخرجت وشاحها الاحمر ارتدته وذهبت للجامعة، والى الكافتيرا مباشرة فوجدت اغنية فيروز مشغلة (انا عندي حنين ما بعرف لمين...) وكانت تنتظر رضوان بلهفة تلتفت هل اتى ؟ لكن يبدو ان لهفتها اكبر ، جلست فوصلت الاغنية المدارة الى مقطع (أنا خوفي يا حبي لتكون بعدك حبي وبيتهيألي نسيتك وانت مخبى في قلبي...) وهي تغني معها الى ان وجدت رضوان يقف امامها فقال لها (لقيتي روحك قاعدة تحبيني او لا ...) ردت بخجل وابتسامة  ( اسكت يابارد ) جلس بجانبها وقال ( مش فايتيني ..ماعندكش محاضرة اليوم) وضحك ، ردت ( شن قصدك خزي عليك ههههههههههه) فاكملا ضحكهما معا، دخلت فاطمة وبسمة وهما تنظران لهما باستغراب سلمتا وضحكتا ولم تستطع احداهما السؤال ماذا حدث ؟ لكن رأت الحب في أعينهما ، وجدت كلاهما الانسجام واضح 
وكأنهما قد دبرا الموعد من قبل ، خرجتا كي لا تفسدا اللقاء،  يتحادثان دائما ، ينتظران لقاء بعضهما ،يدرسان معا مع اختلاف المواد، كانت الدنيا اجمل بأعينهما من أي وقت مضى وكأنهما عاشا الحب فقط الان ،مر اسبوع على ذلك، اتراها النهاية ....







فراق ....



رجعت أميمة للبيت وكأن الدنيا تضحك لها كما كانت طيلة الاسبوع والدتها لاحظت ذلك سألتها لما أنت فرحة هكذا ، ردت ان لا شئ مهم ولكنها تشعر بالسعادة لتفوقها في بعض المواد عن بقية زملائها ، فقالت لها انت الان ببداية السنة الرابعة قالت نعم اكملت حديثها بأن ابن عم امها (اشرف) تقدم لخطبتها فتذكرت اميمة كلام اشرف عندما يراها يقول لها ستكونين زوجتي عندما تكبرين، فترد (غير نكبر قبل ...) تذكرت كيف انه صدق فيما قال ،حيث انه طيلة هذه السنين لم يحاول الاقتراب منها حتى طلبها حلالا ، فقالت في نفسها الرجال مواقف ،اشرف كان يكبر رضوان بعام واحد لم يدرس الجامعة اتجه للتجارة ، لم يفلح في الدراسة فغير مساره لطريق وجد فيه نفسه ، اراد ان يكمل نصف دينه معها ، بعد أن اقتنى بيتا ، وتأكد ان لديه مصدر دخل ثابت ، لم يتردد في طلبه فهو كان يرى اميمة حلم حياته بالرغم من أنه لا يعنيها شيئا، استيقظت بعد شرودها في كلام والدتها لتقول لها ما رأيك؟ فقالت سأكمل دراستي قبلا، فردت والدتها هو سيتركك تدرسين ثم سيتزوج، يريد فقط ان يضمن أنك ستكونين زوجته ، فردت أميمة لتقول الضامن الله ومن يضمن أننا سنعيش لذلك الوقت،
قالت والدتها لديك اسبوع لتفكري وإن كنت تنتظرين احدهم أخبريني، ردت أميمة سأفكر يا أمي ، ذهبت لغرفتها لتحادث رضوان اتصلت
أميمة ...الوو
رضوان ...نعم حبيبتي
أميمة ...اريدك بموضوع
رضوان ...كلي أذان صاغية
أميمة ...اليوم قريب والدتي اتصل بها ليخطبني
رضوان ...والمطلوب
أميمة ...لا استطيع الرفض بدون سبب وجيه
رضوان...وافقي إذاً
أميمة ...أتمازحني؟
رضوان...لا ترفضي اتمنى لك كل الخير
اغلقت أميمة وشعرت وكأن احشائها تتمزق من صدمتها في كلام رضوان ، تسأل نفسها ماكان الذي عشناه قبل اسبوع ، أكنت نزوة؟ ام كان يريد أن ينتقم مني لتركي له في المرة الماضية, لا استطيع التفكير في شئ ؟ سأتصل ثانية
أميمة ..رضوان
رضوان بصوت منخنق...ماذا تريدين
أميمة ..أريد أن أسألك في وقت سابق عندما أراد طارق أن يتقدم لي ماذا قلت له ؟ لماذا لم يعد يراني كما كنت أنا بالنسبة له ؟ هل صحيح ما قلت عني؟
رضوان...وماذا قلت ؟
أميمة ...سألتك أولا ماذا قلت؟
رضوان..قلت له بأني أحبك
أميمة ...وهو كذلك ولكن قيل لي عكس ذلك ؟
رضوان...وماذا قيل لك؟
أميمة...كنت تتحدث عن عرضي وأنني كنت معك تفعل بي ما تشاء.
رضوان...يبدو أنك فقدت عقلك أيعقل أن اقول عنك هذا وانت كل ما لي.
أميمة ...إن كنت كذلك لما تتركني الان....
رضوان ...انا لن اجبرك على البقاء معي ، أنا لا اعدك بشئ ولم أعدك بشئ، اذهبي وتزوجي واسعدي ذلك ما اتمناه لك .
أميمة بصوت منهار ..مع السلامة..وأقفلت








نور عيني ....


ليلة حالكة السواد مرت على أميمة بكت فيها كثيرا حتى اشفقت
 على عينيها من البكاء، ظلت تتذكر كل شئ من أول سنة حتى السنة الرابعة ، تذكرت كيف احبته ، وكيف تركته ، وكيف انتصر الحب،وكيف دخلت لأزقته الضيقة ولم تجد سبيلا لتخرج منه ،تذكرت ذلك القول (الرجل عندما يفشل في الحب يكره كل النساء والمرأة عندما تفشل في الحب تتزوج بآخر) فقالت ربما فشلت في الحب ولكن سأنجح في الزواج ، سأتزوج أشرف ، وسأحبه من اهتمامه وحبه لي ، لأن من ارادني فليردني حلالا أو لا، في اليوم التالي ذهبت لوالدتها لتخبرها موافقتها ، فرحت والدتها واتصلت بأشرف لتخبره بذلك ، فرح اشرف كثيراً، وجاء الاهل والكل يهنيء أميمة وهي تبتسم ابتسامة صفراء بقلب محطم لا تظن أن هناك ما سيرجعه للحياة ثانية سوى النسيان.
اخذ اشرف رقم هاتفها اتصل بها ليسمعها اغنية ( يا نور عيني ) كانت تطمئن قلبها أنها ستحبه يوما ما من يفعل هذا من المستحيل ألا تقابله الا بالحب ، ربما صدمتها جعلتها تنظر للحياة بمنظار اخر، لكن محاولات اشرف لكي تحبه كانت ترسم الابتسامة على وجهها والدموع في اعينها ، لم تستطع ان تحبه ، لم يكن كمراهق يحادثها في كل حين ، كان رجل بكل معنى الكلمة، لم يكن يترك أي احد من اقرانها وان كانت اخته ان تضربها ولو بالمزاح ، كان يقول ( ان شاء الله ايده تنشل اللي يمد ايده عليك حتى بالبصارة ، انا نحبك كدس ) تضحك اميمة (كدس؟) فيقول (هلبا ماتعبرش عللي في داخلي وان شاء الله ربي يحييني ونعيشك احلى دنيا ) ، كانت قد بدأت التعود على وجوده بحياتها ، لم يقتحمها كما يفعل الكثيرون بل كان يترك للأقدار والصدف ان تقربهما، كان يدرك انها لا تحبه لكنها تستلطفه ، وكان يؤمن أنها ستحبه يوما كما أحبها وسيحبها دوما.
بعد حوالي شهر من خطبتها كان عقد قران أخ اشرف ، ذهبت اميمة كانت بكل تألقها لفتت كل الانظار العروس المستقبلية لهذه العائلة ، عوملت معاملة خاصة، فرحت كثيرا باهتمامهم ولطفهم، كان الكل يبحث عن راحتها إتباعاً لتوصيات اشرف،رأت كيف أن الدنيا هنا معهم اختلفت كثيرا عما كانت تخشى منه .
رجعت دراستها وهي لا تبحث عن رضوان، كانت لا تريد ان تراه حتى لا تحن مجددا، كان يراقبها عن بعد ولكنها لم تكن تراه، اكملت السنة الرابعة بتفوق كعادتها ولكن هذه المرة كي تثبت فقط لرضوان انه لم يؤثر بها بالرغم من تأثيره الواضح .
 وفي يوم ما كانت جالسة في احد ساحات الجامعة لوحدها وكانت مكتئبة قليلا سمعت صوت هاتفها ينذر بقدوم رسالة ، اخرجت هاتفها من حقيبتها فتحت الرسالة إذا هي من رقم غريب نصها (تزعل الدنيا كلها ولا تزعلي من مزعلك بس...) التفتت يمينا ويساراً لم تعرف من الذي بعثها فتحت حقيبتها ارجعت الهاتف مكانه ، وضعت حقيبتها جانبا ، يرن جرس الرسالة مجددا تفتح الحقيبه تتناول الهاتف تجد رسالة (وحق ربي استاحشتك ونحبك ) عرفت انه رضوان فحاولت الا تبين له انه أثر بها، فهو يراها ولكنها لا تراه، رن الجرس مجددا فتحت الرسالة (لأجل كل يوم جميل عشته معك فلتبتسمي ) ، ونهضت وذهبت لمحاضرتها وعندما رجعت للبيت اتصلت باشرف لأول مرة ، شعر باهتمامها لأول مرة مع ان اهتمامها كان ردة فعل على تواصل رضوان معها لتثبت لنفسها فقط انها ستستطيع العيش بدونه.




 



قدر.....



حاولت كثيرا أميمة ان تقنع نفسها بأن اشرف هو الزوج الصالح واقتنعت كان هناك كلام على استعجال حفل الزفاف ، حادثت أميمة فاطمة وقالت لها ربما اتزوج قبل مناقشتي فكل الحديث يأول على ذلك، باركت لها وتمنت لها حياة سعيدة ، اغلقت فاطمة من أميمة لتتصل برضوان لتخبره بأنه في آخر حلقات الحب مع أميمة كما كتب لهما القدر، بكى كثيراً وندم انه فارقها أو قال لها اذهبي ، ندم كثيراً انه تركها ولكن بعد فوات الأوان ، تجرأ واتصل بها ، اتصل كثيرا لم تعره أي اهتمام ، فكتب لها ( ارجوك يا سيدتي اريد فرصة اخيرة...) ردت برسالة تنص (استهلكت كل الفرص لم تعد لك فرصة معي ماحييت...) تذكر كلامها يوما ما ( انا وين قلبي يذلني نعفس عليه ومانتلفتش وراي رد بالك يا رضوان تشوف روحك في هالموقف لاني اقوى من اني نضعف مهما كان الحب..)  اصبح يتمتم دائما تكونين كما وعدت يا أميمة، فقرر قرارا عابثاً نفذه صباح اليوم التالي ، ذهب لوالدها ليخطبها فقال له ادري انها مخطوبة لكنني اقسم لك انني اريدها بالحلال اسألها ربما تتغير وجهة نظرها قليلا، استغرب والدها جنون ذلك الشخص لكنه تأكد فقط ان هذا هو الحب الذي يفعل بالرجال ما يفعل، ذهب لابنته وقال لها اتاني زميل لك يدعى رضوان جاء لخطبتك يبدو ان قلبه قد قاده الان فتبعثرت أميمة وردت هو قال هذا ؟ فقال والدها سأعطيك فرصة اخيرة لتفكري ربما ستندمين مع اشرف (شعر أن مجيء رضوان هو حب متبادل بين ابنته وبينه) قالت له سأتزوج اشرف قم بتحديد موعد الزفاف، دخلت غرفتها لم تجد دموعا لتبكي وجدت فراقه استنزف كل دموعها ، وجدت خذلانه لا يجعلها تذكر منه حتى الحب ، كتبت لرضوان (انا ملك لآخر فلا تبحث عني مجددا...) رد ( نفيت واستوطن الأغراب في بلدي....) لم تكتب له شئ اخر حتى يتأكد ان هذا نهاية كل حديث ممكن ان يربطهما ببعضهما.
جاء الصباح ذهبت للجامعة لتعيش حياة طبيعية وجدت احمد قريبها من بعيد يدرس معها في تخصص اخر طيلة سنوات الدراسة نادرا ما يلتقيان ، كان جل كلامهما صباح الخير وكيف الحال ،سلم عليها وذهب ، فقالت هذه المرة رآني ، لأنه في مرات عده يتجاهلها بلا مبرر.
دخلت وجدت فاطمة قالت لها رضوان ندم لما لا تعطيه فرصة فقالت انا على وشك الزواج بآخر لا اريد التفكير حتى بالموضوع ، رجعت من الجامعة قررت الاتصال بأشرف لكنه سبقها ردت عليه وكانت تريد ان تقول له انها تشتاق إليه لكنه لم يترك لها المجال حتى قال لها اريدك بموضوع، ردت (ان شاء الله خير ....) رد قائلا ( كل شئ من ربي حلو أنا يا بنت الناس نحبك وعمري ما حبيت غيرك وديما نقولك ان شاء الله ربي يحييني ونعيشك احلى دنيا وارجوك ما تقاطعينيش في هالكليمتين اللي بنقولهم ... لكن اللي بنقولهولك توه إنت ليك حرية القرار فيه ..أنا كيف روحت من الدكتور وبعد الفحوصات والتقارير تأكدت إن عندي ورم في بطني سرطان يعني ما تخافيش طبعا ما يعديش ، عالعموم أنا بنخيرك إنك تقعدي معاي والا تسيبني وانا عالحالتين مسامحك وعمري ما حبيت وحدة ولا حنحب ولا قرارك حيغير شئ عندي بالعكس حتى كان اخترتي بعدي حقك واخترتي تقعدي معاي حنعيشك زي ما قلتلك احلى دنيا )........







يتبع.. ..
.