كبرت يا أماه
لم اعد مثلما انا
لم اعد ذلك الوجه الملائكي البشوش الذي يبتسم ابتسامة امل للكل
ولازلت لوحدي
لم اجد من يربت على كتفي
لم احسن النظر ربما
لم اعد انتظر اسطورة الحب والحياة
كبرت يا أمي
لم اعد ارى الحياة الوانا
لم اعد انا يسعدني بناء قصور من الرمال
لم اعد اعشق البحر صيفا
لم اعد اسعد لحضور ضيوفنا
لازلت لا اسعد بالحلوى كما بالسابق
كنت مختلفة هكذا كنت تقولين
اشتقت لأن ألعب مافاتني في الصغر
اشتقت لأن اكون طفلة كالبقية
يفرحون للنزهات يعشقون الحلويات
يدمنون اللعب حتى ينامون
ماعدت ابتسم
ماعدت احسن التصرف
ماعدت انا الهادئة الحنون
ماعدت انا المطيعة
تمردت
ربما اردت تغيير الدور
ربما احتجت لأن اتقمص شخصية اخرى
اتذكرين
عندما بدأت الدراسة لم اكن مع اقراني
قلت لي ستتفوقين عليهم وتفوقت
ما كنت ادرس لي اقسم لك
كنت ادرس لاسعادك لتتباهي بي امام الناس
اتذكرين
عند اول امنية لك قلت لي اتمنى ان اراك طبيبة
ولم اقوى على ذلك
لم استطع ان اكون في مكان ليس لي
خالفتك لارضي غروري
اصبحت مهندسة وفخرت بي
لكنني لم اجد السعادة
اشك احيانا ان كل عثراتي لأني لم احقق حلمك
قلت لك ما عدت انا
كنت تقولين يالذاكرتك التي لا ترحم
اقسم لك انها لم ترحمني قط
جعلت نسيجا من الذكريات يتخبطني كل حين
لا انسى شيئا لا سيئة ولا حسنة
حتى انني بتت لا اغفر لأحد
ماعدت انا طيبة القلب
الان انا قاسية القلب
لم تعد تأسرني نسائم الربيع وكأنها الان تخنقني
لكن المطر يحتويني كما السابق
لازلت ألعب تحته وكأنني ابنة السادسة
لم يعد يروق لي لعب الورق الذي هزمت به كل رجل وقف امامي
لم اعد داهية في صورة انثى كما قالوا
لم تعد رائحة الخبز الصباحي تشعرني بالانتماء للوطن
اظنني لم يعد لي وطن
لم يعد ذلك الشوق يجلبني لسريري الذي كنت لا اقبل غيره
الان وان توسدت الرصيف ماعاد شيء يعنيني لم يختلف ذاك عن ذا
لم اعد تلك الرومانسية الحساسة التي لطالما حلمت بأجمل حياة وارق تضحية
اظن الزمن قتل كل ذا في غياهبه
اتدرين حتى طعم الماء اصبح مختلفا
اتراني تعودت المرار
ربما
يقولون الامل تلك الشمعة التي تضيء حياتنا لغد اجمل
وأدت الامل بيداي هاتين اظن ذلك
اتذكرين
سألتني يوما لما لست كالبقيه
فحمدت الله انهم لا يتجرعون ما اتجرع
حمدت الله انهم ليسوا مثلي
سيعز عليَّ ان اراهم يتألمون لكل شئ
سيعز عليَّ ان اراهم لا يسعدون
هكذا انا لم ارى السعادة يوما
اتراني كبرت يا اماه
اتدرين
سابوح لك
انني لم اراهق
لم ارى ما عاشته الفتيات اراه ترهات في ذلك الوقت
اتراها القراءة نمت مداركي باكرا فرأيت كل مغامرات الفتيات هراء اترفه عنه
احيانا اكره انني قرأت شيئا خارج الدراسة
كرهت شغفي بكل كتاب اراه
لم اعد سعيدة ولم اكن كذلك ربما
اسأت الاختيار مرارا
كرهت اختياركم لي
لست ملاكا
لكن ما اصابني من سكاكين جعلنني اقرب للدهاء
يقولون كيدهن عظيم
اقسم لك اني استغرب ذلك
اظنك تسآلتي يوما ما عن كيدي الذي لم استعمله
ربما اذخرته للثلاثين
ايقنت ان لا شئ يستحق الحياة لاجله
لم اعد انتظر القادم كما انتظر الموت
اظنك تقولين ماهذا الهراء
ضوء في نهاية النفق ذلك ما تقولون
لكنني ارى هاوية خلف النفق
اظنني مللت كل شئ
الحياة ليست رجل كما تقولين يا اماه
الحياة شئ لم استطع استيعابه لذا دفنت نفسي بالكتب
ان كانت الحياة رجل لما عاشت النساء بدون ازواج
في كل عام اتفائل بعام يتقدم فافتح ذراعيّ لكن هناك ما يسرق الابتسام
ها قد كبرت يا اماه
ومات بي كل شئ
اريد استطعام الفرح فلم اجده
وانتظر هل من شئ يقلب حياتي لاراها باجمل حلية كما يرونها بنات جيلي
اظنه قد فات الاوان لكل شئ
لم اعد ارى سوى السقف ببؤسه صباحا مساءا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق